ما هو بديل العولمة :
إنه إعادة التوطين
لا يدع النقاش الجاري حاليا أي مجال لبديل معين للعولمة ، مدعما بذلك أيضا انطباعا خاطئا يقول بأن العولمة لا مفر منها و لا محيد عنها . ومع ذلك فهذا البديل موجود ، وهو يتمثل في إعادة توطين الاقتصاد . وقد كرس كولين هاينس المسؤول السابق عن شعبة الاقتصاد بجمعية السلام الأخضر العالمية جهوده الفكرية لهذا الموضوع ، وهو يقدم لنا هنا أطروحته بهذا الخصوص .
بقلم : كولين هاينس
عن : الإيكولوجيست ، ربيع 2001 .
إن مركب العولمة الثمل في طريقه للجنوح كما لو أن قراصنة البحر يحتلون فيه غرفة القيادة ، لقد تباطأ إيقاعه بشكل ملموس بفعل " معركة سياتل " في شهر ديسمبر 1999 ، حيث عارض متظاهرون وممثلون لبلدان " في طريق التنمية " ، وبنجاح ، تسارع عملية تحرير المبادلات المقترحة من قبل المنظمة العالمية للتجارة OMC إبان " الدورة الألفية " . ويهدد اليوم جبلان جليديان هائلان بالاستحواذ على مركبنا كطرفي كماشة والإساءة لمسيرته . إن تأثيرهما خفي و لا يرى إلا بصعوبة بطبيعة الحال ، غير أنهما ساهما منذ مدة في تعطيل حركته وإنقاصها . ويتمثل هذان الجبلان في عدم استقرار نظام المبادلات العالمي والإرادة العالمية في مقاومة الحصار المدمر لمركب العولمة . وعلى الرغم من هذين العائقين فإن المعلقين " الجديين " يستحسنون هذه العولمة بدون تحفظ وهم مشدوهون بفعلها ، أو يعتبرون في الحد الأدنى كما لو أن الاتجاه الذي تسير فيه والانتصار النهائي لها شيئا لا راد له . وبدون مفاجأة فإن قدرية كهاته سبق لها أن تلبست معظم رجال السياسة المهمومين بحالة الثبات statut quo في سياساتهم على المدى القصير . إلا أن من يعتبر أقل تفهما لذلك هو العدد الأكبر من المواطنين والمنظمات غير الحكومية المناضلة من أجل عالم أفضل والذين سبق لهم أن ابتلعوا طعم قدرية العولمة وأختها التوأم المتمثلة في المنافسة العالمية . مبدآن ليس فيهما مع ذلك أي شيء مقدس : فنظرة خاطفة على الوصايا العشر تكفي للتأكد من لا أحد من الناس لا يوافق على القولة" ستكون منافسا كفؤا بشكل عالمي " ، وتلك ثمرة بناء حديث شيد على شكل عقيدة .
يجب أن يتحول الأفراد المشتغلون بالسياسة عن هذه الثيولوجيا الجديدة ، ثيولوجيا العولمة ، وأن يقرروا بشكل جدي تعويضها بنزعة محلية تحمي وتعيد بناء الاقتصادات المحلية على المستوى العالمي . وهذا التحول الاقتصادي يتطلب الشجاعة من أجل رفض هذا المعتقد المتمثل في المنافسة العالمية . إنه يستلزم المنازعة في إيمان زمرة الاقتصاديين والمعلقين المبشرين بزعامتهما وسيطرتها وكذا أسياد الكون الجدد الذين هم رجال الأعمال الأقوياء وأقطاب المال .
إن القيادة العالمية التي يتوجب وفقها أن تغير كل أمة اقتصادها كي يكون أكثر كفاءة من اقتصادات الأمم الأخرى هو لا معنى اقتصادي وإيكولوجي . إنها معركة هناك الخاسرون فيها بشكل محتوم : وبالفعل فكيفما كان نمو هذا القطاع الاقتصادي أو ذاك ، إذا كان من الممكن إشباع حاجاته عن طريق موارد خارجية أكثر تنافسية ، فإن العدد الأكبر ، أي المنتجين المحليين في الغالب ، سيكون هو الخاسر . والبديل المتمثل في التوطين يقترح أن يتم إنتاج كل ما يمكن إنتاجه في بلد ما أو جهة معينة في هذا البلد عينه أو الجهة عينها . يجب التقليل من التجارة على المستويات الأكبر وأن لا توفر إلا ما لا يمكن إنتاجه محليا أو في البلدان المجاورة . وهذا يمكن من ممارسة مراقبة محلية ولصيقة على الاقتصاد ، كما يمكن من إجراء توزيع أكثر إنصافا وعدالة لخيراته . وسيتم تشجيع حركية المعلومات والتكنولوجيا حيثما كان من شأن ذلك تقوية ودعم الاقتصادات المحلية .
وبذلك ستخلي حالة الحرب المتمثلة في العولمة المكان لحالة السلام التعاوني المضمون من قبل التوطين . إن التوطين لا يتعارض مع قوانين المبادلات ؛ إذ أنه يريد فقط أن يحدد لها هدفا مغايرا : هو حماية وإعادة تنويع الاقتصادات المحلية بدل إجبار كل الأمم على إحناء الهامة أمام إله المنافسة العالمية المزور .
دعوة لاستنهاض همم المناضلين
إننا اليوم في حضرة سلسلة من الجهود الضائعة لدى المناضلين والنقابات والمنظمات غير الحكومية المهتمة بالتنمية والمبذولة من أجل ترويض العولمة وكبح جماحها . إن الحملات من أجل ظروف العمل اللائقة أو من أجل تجارة عادلة أو المواثيق الأخلاقية الإرادية تشوش على طبيعة الظاهرة : إنه قدح الطين في مواجهة قدح المعدن . يجب علينا أن نتذكر أن التجارة العالمية كانت قد انطلقت أول أمرها بفعل جاذبية التجديد وسحره . لقد كان الأوربيون يذهبون إلى الهند من أجل الحصول على التوابل ومنتجات استوائية أخرى وليس من أجل الحصول على الفحم . وذاك شيء متلائم مع المقاربة المحلية ـ التأثيرات الاجتماعية للاستعمار على الأقل يمكن اعتبارها شيئا طبيعيا . ليس للتجارة العالمية من هدف سوى توفير كل ما لا يمكن إنتاجه في عين المكان ، ويجب أن تكون قوانين هذا القطاع المحدد هي قوانين التجارة العادلة التي تعطي أفضليتها لما يفيد العمال والجماعة المحلية والبيئة . يجب على المناضلين أن يطالبوا بمسار جديد وأهداف جديدة للتجارة المستديمة . يجب عليهم أن يساهموا في إعادة البناء وفي حماية الاقتصادات المحلية القابلة للدوام . وهذا سيمكن في إطار الحشد من إنجاز أهداف آلاف الحركات من أجل العيش الأمثل للإنسان والحيوان وحقوق الإنسان والشغالين وحماية البيئة .
برنامج من أجل التوطين
إن إجراءات حمائية من قبيل مراقبة الصادرات والواردات ، حالات الكوطا ، الإمدادات المالية ، يجب أن يتم إدخالها واعتمادها إبان فترة انتقالية محددة بوضوح على مستوى كل القارات . وهذا لا علاقة له بالنزعة الحمائية القديمة حيث كان يتعلق الأمر بحماية سوق داخلية مع أمل أن تظل حدود البلدان الأخرى مفتوحة . إن الاهتمام سيتعلق بالأحرى بالتجارة المحلية ، وكل مبادلة عالمية متبقية سيتم توظيفها لتمويل تنويع الاقتصادات المحلية . إن انقلابا مثل هذا سيلقى مقاومة الشركات المتعددة الجنسيات ، ومن ثمة يتوجب إنجازه على مستوى مجموعة جهوية من البلدان ، وبخاصة في كنف البلدان الأقوى : أوربا وأمريكا الشمالية .
توطين الإنتاج ومراقبة الشركات المتعددة الجنسيات
سيتم تثبيت الصناعة والخدمات عن طريق سياسات تشترط أن يتم الإنتاج والاستهلاك في مكان واحد ، ولن يعود لإمكانية التهجير التي تستفيد منها الشركات المتعددة الجنسيات إذ ذاك أي معنى ؛ فحالما يتم تثبيت الشركات المتعددة الجنسيات ، فإن نشاطها ومستويات التضريب ستكون تحت المراقبة الديمقراطية ، وستصبح بذلك مطالب المناهضين للعولمة في المجالات الاجتماعية والبيئية قابلة للإنجـــاز .
إنه إعادة التوطين
لا يدع النقاش الجاري حاليا أي مجال لبديل معين للعولمة ، مدعما بذلك أيضا انطباعا خاطئا يقول بأن العولمة لا مفر منها و لا محيد عنها . ومع ذلك فهذا البديل موجود ، وهو يتمثل في إعادة توطين الاقتصاد . وقد كرس كولين هاينس المسؤول السابق عن شعبة الاقتصاد بجمعية السلام الأخضر العالمية جهوده الفكرية لهذا الموضوع ، وهو يقدم لنا هنا أطروحته بهذا الخصوص .
بقلم : كولين هاينس
عن : الإيكولوجيست ، ربيع 2001 .
إن مركب العولمة الثمل في طريقه للجنوح كما لو أن قراصنة البحر يحتلون فيه غرفة القيادة ، لقد تباطأ إيقاعه بشكل ملموس بفعل " معركة سياتل " في شهر ديسمبر 1999 ، حيث عارض متظاهرون وممثلون لبلدان " في طريق التنمية " ، وبنجاح ، تسارع عملية تحرير المبادلات المقترحة من قبل المنظمة العالمية للتجارة OMC إبان " الدورة الألفية " . ويهدد اليوم جبلان جليديان هائلان بالاستحواذ على مركبنا كطرفي كماشة والإساءة لمسيرته . إن تأثيرهما خفي و لا يرى إلا بصعوبة بطبيعة الحال ، غير أنهما ساهما منذ مدة في تعطيل حركته وإنقاصها . ويتمثل هذان الجبلان في عدم استقرار نظام المبادلات العالمي والإرادة العالمية في مقاومة الحصار المدمر لمركب العولمة . وعلى الرغم من هذين العائقين فإن المعلقين " الجديين " يستحسنون هذه العولمة بدون تحفظ وهم مشدوهون بفعلها ، أو يعتبرون في الحد الأدنى كما لو أن الاتجاه الذي تسير فيه والانتصار النهائي لها شيئا لا راد له . وبدون مفاجأة فإن قدرية كهاته سبق لها أن تلبست معظم رجال السياسة المهمومين بحالة الثبات statut quo في سياساتهم على المدى القصير . إلا أن من يعتبر أقل تفهما لذلك هو العدد الأكبر من المواطنين والمنظمات غير الحكومية المناضلة من أجل عالم أفضل والذين سبق لهم أن ابتلعوا طعم قدرية العولمة وأختها التوأم المتمثلة في المنافسة العالمية . مبدآن ليس فيهما مع ذلك أي شيء مقدس : فنظرة خاطفة على الوصايا العشر تكفي للتأكد من لا أحد من الناس لا يوافق على القولة" ستكون منافسا كفؤا بشكل عالمي " ، وتلك ثمرة بناء حديث شيد على شكل عقيدة .
يجب أن يتحول الأفراد المشتغلون بالسياسة عن هذه الثيولوجيا الجديدة ، ثيولوجيا العولمة ، وأن يقرروا بشكل جدي تعويضها بنزعة محلية تحمي وتعيد بناء الاقتصادات المحلية على المستوى العالمي . وهذا التحول الاقتصادي يتطلب الشجاعة من أجل رفض هذا المعتقد المتمثل في المنافسة العالمية . إنه يستلزم المنازعة في إيمان زمرة الاقتصاديين والمعلقين المبشرين بزعامتهما وسيطرتها وكذا أسياد الكون الجدد الذين هم رجال الأعمال الأقوياء وأقطاب المال .
إن القيادة العالمية التي يتوجب وفقها أن تغير كل أمة اقتصادها كي يكون أكثر كفاءة من اقتصادات الأمم الأخرى هو لا معنى اقتصادي وإيكولوجي . إنها معركة هناك الخاسرون فيها بشكل محتوم : وبالفعل فكيفما كان نمو هذا القطاع الاقتصادي أو ذاك ، إذا كان من الممكن إشباع حاجاته عن طريق موارد خارجية أكثر تنافسية ، فإن العدد الأكبر ، أي المنتجين المحليين في الغالب ، سيكون هو الخاسر . والبديل المتمثل في التوطين يقترح أن يتم إنتاج كل ما يمكن إنتاجه في بلد ما أو جهة معينة في هذا البلد عينه أو الجهة عينها . يجب التقليل من التجارة على المستويات الأكبر وأن لا توفر إلا ما لا يمكن إنتاجه محليا أو في البلدان المجاورة . وهذا يمكن من ممارسة مراقبة محلية ولصيقة على الاقتصاد ، كما يمكن من إجراء توزيع أكثر إنصافا وعدالة لخيراته . وسيتم تشجيع حركية المعلومات والتكنولوجيا حيثما كان من شأن ذلك تقوية ودعم الاقتصادات المحلية .
وبذلك ستخلي حالة الحرب المتمثلة في العولمة المكان لحالة السلام التعاوني المضمون من قبل التوطين . إن التوطين لا يتعارض مع قوانين المبادلات ؛ إذ أنه يريد فقط أن يحدد لها هدفا مغايرا : هو حماية وإعادة تنويع الاقتصادات المحلية بدل إجبار كل الأمم على إحناء الهامة أمام إله المنافسة العالمية المزور .
دعوة لاستنهاض همم المناضلين
إننا اليوم في حضرة سلسلة من الجهود الضائعة لدى المناضلين والنقابات والمنظمات غير الحكومية المهتمة بالتنمية والمبذولة من أجل ترويض العولمة وكبح جماحها . إن الحملات من أجل ظروف العمل اللائقة أو من أجل تجارة عادلة أو المواثيق الأخلاقية الإرادية تشوش على طبيعة الظاهرة : إنه قدح الطين في مواجهة قدح المعدن . يجب علينا أن نتذكر أن التجارة العالمية كانت قد انطلقت أول أمرها بفعل جاذبية التجديد وسحره . لقد كان الأوربيون يذهبون إلى الهند من أجل الحصول على التوابل ومنتجات استوائية أخرى وليس من أجل الحصول على الفحم . وذاك شيء متلائم مع المقاربة المحلية ـ التأثيرات الاجتماعية للاستعمار على الأقل يمكن اعتبارها شيئا طبيعيا . ليس للتجارة العالمية من هدف سوى توفير كل ما لا يمكن إنتاجه في عين المكان ، ويجب أن تكون قوانين هذا القطاع المحدد هي قوانين التجارة العادلة التي تعطي أفضليتها لما يفيد العمال والجماعة المحلية والبيئة . يجب على المناضلين أن يطالبوا بمسار جديد وأهداف جديدة للتجارة المستديمة . يجب عليهم أن يساهموا في إعادة البناء وفي حماية الاقتصادات المحلية القابلة للدوام . وهذا سيمكن في إطار الحشد من إنجاز أهداف آلاف الحركات من أجل العيش الأمثل للإنسان والحيوان وحقوق الإنسان والشغالين وحماية البيئة .
برنامج من أجل التوطين
إن إجراءات حمائية من قبيل مراقبة الصادرات والواردات ، حالات الكوطا ، الإمدادات المالية ، يجب أن يتم إدخالها واعتمادها إبان فترة انتقالية محددة بوضوح على مستوى كل القارات . وهذا لا علاقة له بالنزعة الحمائية القديمة حيث كان يتعلق الأمر بحماية سوق داخلية مع أمل أن تظل حدود البلدان الأخرى مفتوحة . إن الاهتمام سيتعلق بالأحرى بالتجارة المحلية ، وكل مبادلة عالمية متبقية سيتم توظيفها لتمويل تنويع الاقتصادات المحلية . إن انقلابا مثل هذا سيلقى مقاومة الشركات المتعددة الجنسيات ، ومن ثمة يتوجب إنجازه على مستوى مجموعة جهوية من البلدان ، وبخاصة في كنف البلدان الأقوى : أوربا وأمريكا الشمالية .
توطين الإنتاج ومراقبة الشركات المتعددة الجنسيات
سيتم تثبيت الصناعة والخدمات عن طريق سياسات تشترط أن يتم الإنتاج والاستهلاك في مكان واحد ، ولن يعود لإمكانية التهجير التي تستفيد منها الشركات المتعددة الجنسيات إذ ذاك أي معنى ؛ فحالما يتم تثبيت الشركات المتعددة الجنسيات ، فإن نشاطها ومستويات التضريب ستكون تحت المراقبة الديمقراطية ، وستصبح بذلك مطالب المناهضين للعولمة في المجالات الاجتماعية والبيئية قابلة للإنجـــاز .
توطين النقود
لقد قادت النتائج المدمرة لانتقال النقود غير المراقب على مستوى البسيطة إلى المطالبة بممارسة الرقابة . وما هو مطلوب وواجب هو إعادة توطين النقود في منبعها الأصلي بغرض تمويل إعادة بناء اقتصادات محلية متنوعة وقابلة للدوام . ويتوجب من أجل تحقيق هذا الهدف اعتماد أشكال الرقابة على انتقال رؤوس الأموال وضرائب من قبيل ضريبة توبين ، السيطرة على التهرب الضريبي أو الجنان الضريبية من جهة ومن جهة أخرى إعادة إنعاش الأبناك المستثمرة في مشاريع محلية وأنظمة المبادلات المحلية (SEL) . يجب إعادة توجيه انتقال النقود العمومية والخاصة نحو بلدان أخرى بغاية تقوية الاقتصادات المحلية للبلدان المعنية .
سياسة للمنافسة المحلية
ستتأكد السياسات المحلية للمنافسة من جودة الخيرات والخدمات في سوق يستجيب لانتظارات الإنسان . وبدل الادخار حسب قانون الأقوى المفروض من قبل الضغوط الخارجية ، فإن التجارة ستستقر في إطار القواعد الاجتماعية والبيئية المهمومة بحسن حال العمال ، مغتنية بفعل الأفكار والتكنولوجيات الأكثر ملاءمة . إن سياسة المنافسة ستغطي سوق الأعمال والصفقات وبنية السوق وستقنن أنشطة الشركات .
ضريبة من أجل التوطين
إن تمويل الانتقال نحو التوطين وتحسين البيئة سيتمان عن طريق ضرائب تفرض على الطاقات غير المتجددة وعلى التلوث . ولإنعاش مجتمع أكثر عدالة وإنصافا سيجعل تحريم أي تهجير وكذا الجنان الضريبية من الممكن تضريب الشركات والأفراد تبعا لغناهم وعائداتهم ومصاريفهم عبر ضرائب على القيمة المضافة وكذا ممتلكاتهم عبر الضريبة المالية . وسيتم استخدام جزء من الضرائب من أجل مساعدة الناس الأكثر فقرا في المجتمع ، وبخاصة في فترات التضخم . وأخيرا يتوجب أيضا إلغاء الضرائب على الشغل من أجل خلق مزيد من فرصه .
الديمقراطية المحلية
إن اقتصادا محليا متنوعا يعني ديمقراطية فعالة : فأنشطة كل فرد الاقتصادية المحلية تسهم في تشكيل المجتمع الذي يعيش بين أحضانه ، مجتمع يقود الالتزام اليومي لدى كل فرد فيه إلى ضمان توازن في الإنتاج والاستهلاك لكم هائل من الخيرات والخدمات . وسيمكن " المدخول المواطن " من انخراط الجميع في هذا الاقتصاد الجديد . أما السلطة فسيتم تحويلها إلى المواطنين أنفسهم ، وهو ما يستلزم تشجيع مساهمة أكبر ما أمكن من طرف المواطنين في الاختيارات المحلية ، ومن ثمة سيتحقق توازن مع الدولة وشبكات الجماعات المحلية والمنظمات غير الحكومية .
التجارة والمساعدة على التوطين
يجب أن تتحول قواعد الغات التي تديرها المنظمة العالمية للتجارة إلى اتفاق عام من أجل تجارة قابلة للدوام تتم إدارته من قبل منظمة عالمية للتوطين الديمقراطي . ويجب على هذه القواعد التأكد من إدماج القواعد السياسية والمساعدات الدولية وانتقال وتحويل المعلومات والتكنولوجيات كما هو شأن الاستثمار العالمي المتبقي ، وهي قواعد مخصصة لبناء الاقتصادات المحلية . والهدف أيضا هو خلق أكبر عدد ممكن من فرص الشغل من أجل تنمية وتعضيد الاستقلال الجهوي .
توطين الأمن الغذائي
إن العولمة تعمق السيطرة على النظام الغذائي العالمي عن طريق الشركات المتعددة الجنسيات وكبار المزارعين . إننا في حضرة عودة للعصا من قبل المستهلكين والفلاحين في مواجهة هذا النظام الذي ينتج تغذية غير مأمونة كليا وتهديدات للبيئة وفقرا متناميا . ويمكن للتوطين أن يقلب هذه الوضعية رأسا على عقب . إن الأمن الغذائي بالنسبة للبلدان الغنية والفقيرة يتحقق عبر تعميق الاكتفاء الذاتي ، وما هو مطلوب هو تخفيض حجم المواد الغذائية في التجارة العالمية .
إن التوطين لا يعني العودة إلى الوراء ، بل بالعكس ؛ فالعولمة هي التي جعلتنا نعود إلى حرب عالمية ثانية في مجال الأمن الغذائي والتشغيل بالنسبة لملايير الأشخاص . ويمكن لحماية الشأن المحلي على المستوى العالمي أن تعيدنا إلى النهج الذي يدافع عن مصالح الأغلبية وتتوقف مسألة رميها في حمأة الفقر والهشاشة .
و لا يتعلق الأمر هنا بالوقوف في وجه أي تجارة وإنما بممارسة الصراع لصالح التجارة المحلية ومن أجلها ؛ فكلما كان المستهلك قريبا من المنتج ، كلما أمكن له أن يراقبه ؛ فالتأثيرات البيئية المدمرة هي شيء جد محتمل في إطار التجارة العالمية دون مراقبة المستهلك ، وعلى بعد مئات الأميال من مكان الإنتاج ، ومن شأن التجارة المحلية أن تقلص من هذه الآثار المدمرة بشكل ملموس .
التوطين العالمي
إن دعوات المختصين في التنمية بإقامة نظام ليبرالي أكثر عدالة تتناسى تأثيرات التحرير على بلدان الجنوب الفقيرة . وانخراط المنظمات غير الحكومية المهتمة بالتنمية في الفكرة القائلة بأن صادرات الجنوب نحو الشمال تحقق التنمية هو انخراط غير مؤسس ؛ فانتقادات بلدان الجنوب تشير إلى السمة البشعة للتنافس في ما بين البلدان الفقيرة : والمتمثلة في تحويل الأولويات الوطنية لصالح الصادرات الأرخص وظروف العمل الوضيعة المنحدرة منها . يجب على وكلاء التنمية والمنظمات غير الحكومية أن يعترفوا ويظهروا فعالية أكثر من خلال القيام بحملة تحت شعار التوطين . ويجب أن تعترف الحملات ضد البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة بأن المشاكل لا تطرحها هذه المؤسسات أو الأشخاص الذين يشتغلون بها ، وإنما أهدافها . وما يجب الوقوف في وجهه هو التحويل الإكراهي لاقتصادات البلدان الفقيرة وجرها نحو المنافسة العالمية والتعليمات التسلطية للشمولية . وإذا ما تم تكييف قواعد المساعدات والتجارة والوفاء بالديون للهدف النقيض ؛ ألا وهو حماية وتنمية الجماعات المحلية ، فإن مؤسسات مثل هاته حالما يتم تغييرها جذريا يمكنها أن تساهم في إنقاذ العالم من العولمة . وكما أن القرن الأخير عرف صراعا في ما بين اليمين واليسار ، فإنه يجب على ما يمكن أن يكون المعركة الكبرى في هذا القرن أن يتم عبر تحالف في ما بين المنادين بالمحلية ، حمرا وخضرا ومحافظين على قاعدة برنامج محلي النزعة وضد المنافحين عن العولمة . إذ ذاك ، ومع كامل اعتذاري لكل من ماركس ومدام تاتشر وألان مادلين ، ستصبح صرخة التعبئة على الشكل التالي : " يا محليي كل البلدان ، اتحدوا . . . فإن هنالك البديل ! " .
Colin Hines – Localization – a Global Manifesto. Earthscan,Londres,2000
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق